رسالة الراعي الصالح


أحبّ الآخرين محبَّة لا تنضب

أن نحبّ ونُحَب هو ما يعطي حياتنا قيمة، لكن يمرّ أناس كثر في أوقات في حياتهم يشعرون فيها بأنَّهم غير محبوبين، وفي خلال هذه الأوقات، يسهل عليهم أن يلهجوا بالأفكار السلبيَّة، لكن إذا سمحوا لها بالاستمرار فهي تؤدي إلى التعاسة والإحباط.
المحبَّة هي طاقة الحياة، وهي تحثّ الناس على النهوض كلَّ يوم والمضي قدمًا، وتعطي هدفًا ومعنى لحياتهم، فكيفما استدرت، تجد أناسًا يبحثون عن المحبَّة، لكنَّهم يفتِّشون عنها في الأماكن الخطأ. فالله محبَّة ولن يجدوا أبدًا ما يبحثون عنه إلَّا عندما يجدونه.
ويبحث الناس عن الرضى في الحياة بطرق مختلفة، وقد تبدو هذه الطرق جيِّدة في البداية، لكنَّ الفشل في البحث يجعلهم يشعرون بالإحباط وخيبة الأمل والفراغ، ولن يجدوا الرضى الحقيقي الذي يتوقون إليه إلا عبر اختيار السلوك في المحبَّة وتفعيلها من خلال مساعدة الآخرين ومحبَّتهم.
عندما سلَّمت حياتي للمسيح والتزمت بالسلوك معه، بدأت أسمع الناس يتحدَّثون عن أهمية محبَّة الآخرين، وبما أنِّي أردت عيش حياتي وفق حقّ الإنجيل، أردت السلوك بمحبَّة، لكنِّي لم أنجح. كنت أملك الدافع لكن كانت تنقصني القدرة على التطبيق، ووضعت دائمًا خططًا مفصَّلة لكن لم أستطع تنفيذها.

غالبًا ما تسبِّب الرغبة غير المتمَّمة الإحباط، وأنا كنت أشعر بإحباط شديد، فرحت أتساءل عن مشكلتي، فأنت كنت عديمة الصبر مع الناس، ومتزمتة وفظة وقاسية وأنانيَّة وغير متسامحة، والقائمة تطول، وكلَّما حاولت السلوك بمحبَّة، ازدادت حالي سوءًا.
وبدأت أدرك أنَّني لا أحب الآخرين لأني لم أنلْ محبَّة الله، فأنا كنت أعرف في ذهني أنَّ الكتاب المقدس يقول إنَّ الله يحبني، لكني لم أشعر بمحبَّته في قلبي، ورحت أتساءل كيف استطاع الله أن يحب أناسًا سيئين مثلنا.
يحبُّنا الله لأن هذه مشيئته ومرضاته وطبيعته وهو سيحبُّنا دائمًا. هو لا يحبّ أعمالنا دائمًا لكنّه يحبُّنا. فمحبَّة الله غير مشروطة، ولا يمكننا فعل شيء للهروب منها. محبَّته هي القوة التي تغفر خطايانا وتشفي جروحنا العاطفيَّة وترمِّم قلوبنا المنكسرة.

وأدركت مع مرور الوقت أنَّ الله يحبُّني محبَّة عظيمة لأجل شخصي وليس بفضل أي أعمال أفعلها لأجله. وفي النهاية، توقفت عن محاولة اكتساب محبَّته عبر القيام بأعمال ظننتُ أنَّها تجعلني أكثر استحقاقًا لمحبَّته.

وعندما بدأت أقبل محبَّة الله العظيمة وغير المشروطة، استطعت أن أحبَّه بالمقابل وأن أساعد الآخرين بمحبَّة وحرية. ولمَّا سكنت محبته اللامتناهية في داخلي، استطعت مشاركتها مع الآخرين بدون أن أخشى أن تنضب.
يريد جميع الناس أن يكونوا محبوبين ومقبولين، ومحبَّة الله، تلك العطية الرائعة التي يهبنا إيَّاها مجانًا، تلبِّي هذا الاحتياج، فمحبَّته تتدفَّق في قلوبنا، ثمّ يجب أن تتدفَّق من خلالنا إلى الآخرين.
فأنا أعتبر نفسي إناءً مليئًا بالبركات وأريد أن تنسكب محبَّة الله من خلالي في حياة الأشخاص المحيطين بي. واكتشفت أن سعادتي تزداد عندما أختار أن أسعد الآخرين.
يسمّي الله المؤمنين ‘‘ملح الأرض’’ في الكتاب المقدس (متى 5: 13)، وهو يريد منا أن نكون ملحًا في حياة الأشخاص المحيطين بنا. وبدون محبة تصبح الحياة بلا طعم، فالمحبة هي الملح والطاقة في الحياة، والسبب الذي يدفعنا إلى الاستيقاظ كلّ صباح.

يصبح كلُّ يوم مثيرًا إذا اعتبرنا أنفسنا عملاء سريين لله ينتظرون رشّ قليل من الملح على حياة الناس من حولهم. وبما أنَّ الله يحبُّنا كثيرًا، يستحيل أن تنضب محبَّتنا مهما أبدينا محبَّة للآخرين.

الأكثر مشاهدة